الجمعة، 5 يونيو 2020

بعض من حقيقة.. (1) هل نحيا وحدنا في هذا العالم؟

هذه ليست رواية طويلة..
او حقيقة مطلقة..
او خيال جامح..
تلك السطور تحتوي علي بعض من حقيقة..
نتأملها..
نتذكرها..
تتعلق بداخلنا.. رموز.. حقائق.. افكار.. احلام.. و لكن..
ننساها في (طاحونة) ساعات اليوم..
لكن (ياسين) لديه خطط و اراء أخري..
بعد ماكان مجرد انسان عادي..
آن له ان يري كل شيء بمنظور آخر..
منظور به بعض..
من حقيقة..
***
   اسمي هو (ياسين محمد شريف) وغالبا ما يدعونني المقربين بـ(سيمبا).. وتعود تلك التسمية كما ترون لشخصية الاسد الملك.. و هي لا تمت لي بأي صلة.. فأنا أكره العنف لأكثر درجة.. ولكني عاشق للأفلام البوليسية و الاكشن علي الرغم من ذلك.. شخصيتي كما تروها بها التناقضات العادية كما في هي حياة اي شخص عادي.. انتم تعرفون ما اقصد..! اتكلم عن هؤلاء الذين يحبون الكلام.. و يحبذون الصمت.. اولئك الذين يعشقون السهر و النوم..! اولائك الذين يعشقون الحياة بطموحاتها و جنونها وفي نفس الوقت أكثرهم كآبه.. لست وسيما ولست قبيحا.. انا مثال للرجل العادي في كل شيء.. من أسرة متوسطة كما هو حال الاسر المصرية.. قد نبيت دون عشاء يوما.. وقد نمتلك سيارة ليست بفارهه ولكنها ليست بالـ(خردة) كذلك.. انتم تعرفون ما اقصد ببساطه (الستر) هو عنوان بيتنا جليا.. علي كل حال.. كان روتين حياتي الممل هو كما هو.. بلا حبيبة بلا صديق مقرب.. كل اصدقائي في خانه واحدة تقريبا.. عدا (عمر السيوطي) ذلك الشاب الأسمر الوسيم ذو العينان البنيتان ويمتلك كما هو واضح لقب عائلة (غريب).. استطاع (عمر) ان يملأ خانه اخري هي اقرب لقلبي من الجميع تقريباً.. هو لا يملائها ببراعه ولكنه علي الأقل اوجدها.. حياتي تستطيع ان توصفها خلال سطرين.. سباق نحو لقمة العيش ومحاولة البحث الفاشلة مثل باقي جنسي من الذكور في إيجاد الزوجة المثالية ورضا الاهل و الوطن و النوم بسلام..! اما عن كل حياتي وتفاصيلها يشاركني فيها الكثيرون حول العالم بل قد يكونوا الملايين او أكثر..! حتي جاء ذلك اليوم..
انا اعمل في بنك له فروع كثيرة في (مصر) كلها..  لست محبذا ذكر اسم البنك.. لكن يكفي ان تعرف انه بنك حكومي..! و بذلك تكون قد كونت بنفسك نظرة سريعه عن حالي وانا اعمل كممثل لخدمة العملاء يوميا و ما اواجه.. كنت متحمس للغاية في فترة التدريب.. حتي مللت.. ثم عشقت الملل.. ثم مللت عن عشق لهذا الملل.. ثم اصبحت كالآله.. الابتسامه ويا (فندم) و(حضرتك) لم تعد تنبع من قلبي و إنما هي تعرف الطريق جيدا للخروج من بين شفتاي جيدا.. و اصبحت اجيد ما تجيده النسوة تقريبا.. وهو عمل شيئين في نفس الوقت.. النظر في عين العميل و التحدث معه عن سياسات البنك و في نفس الوقت التفكير اللاواعي في كل الامور.. وعندما اقول كل الامور فأنا اعنيها حقا.. فأنا من من تراهم يعشقون كل التفاصيل و تتعلق بأذانهم الاصوات و العبارات و غيرها.. فعندما اقول كل التفاصيل لا استثني عن ذلك التفاصيل التافهه التي اعيشها..
اعيش مع ابي وامي و اخت واحدة.. لي غرفتي والتي من المفترض انها عالمي المستقل ولكني في ذات الوقت اعيش بداخل (مونيتور) الكمبيوتر الخاص بي.. اتصفح العالم علي سريري.. اقرأ كثيرا ما يعجبني فقط.. اتحدث و ابحث في امور كثيرة مستخدما مصباح علاء الدين بالنسبة لي الا و هو (الانترنت) الذي لا اعرف كيف كان القوم يعيشون حياتهم من دونه.. حقا لا ادري..!
اما عن باقي تفاصيل حياتي و صفاتي فستجدها اكيد عندما تتطالع الكثير من هذه السطور.. لك ان تعرف الان فقط ان (عمر) يعمل حاليا كرائد بنقطة ما في الاسكندرية.. مدينتي التي اعشقها في كل حرف.. و كل اسكندراني يعرف ما اقصد.. نجن كما نقول كالـ(سمك) نموت ان لم نحيا و نتجول علي ارضها.. وفي يوم من الأيام هاتفني (عمر) يخبرني في مرح كعادته انه اشتاق لجلستنا العادية التي لانفعل فيها اي شئ تقريبا.. الا ان كل ما زاد عن عاداتنا و نحن صغار بالمرحلة الثانوية هي ان (عمر) يعمل بالشرطه وهذا اصبح متجليا في كل تعاملاته.. مع العابرين حتي في الطريق.. وانا كعادتي لا اتذمر ولا تظهر مني سعادة لذلك.. (العادي) هو طبعي..
اتفقت انا و (عمر) ان نذهب الي احد المقاهي في (سيدي جابر) لنحتسي بعض الذكريات وبعض الخطط المستقبليه التي تحمل في طياتها العشرون سنة القادمة.. و حينما كنا نتكلم سألني (عمر) في إهتمام:
- قولي يا (ياسين).. هو ينفع واحد يبقي معاه كده كارت (سيريال) ياخد فلوس من اي ماكينة  (atm) بسهولة كده من غير ما تتسجل معاملاتك علي اي  بنك؟
- لا طبعا.. لازم تكون مدون عليها البنك و لما يسحب.. يسحب من حسابه سواء دائن او مدين لكن مفيش حاجة اسمها (سيريال) دي اصلا !
- يعني مينفعش يكون متصل بالبنك المركزي مباشرة؟
- بص يا (عمر) فيه حاجات بتبقي سهله حتي للعامة يعني اللي زيك كده! ان البنك المركزي مش بيتعامل مع حد او شركة او اي حاجة هو بيتعامل مع بنوك وبس.. يعني مفيش حد بيوح يفتح حساب في البنك المركزي مثلا !
- ما انا عارف يا (ياسين) المعلومة دي بس هي الفكرة دلوفتي.. احنا اتبلغ عندنا ان فيه جريمة قتل حصلت.. والواد (احمد الفوال) امين الشرطة بعد التحريات و الحاجات دي كلها اللي ممكن نقول عليها روتين البوليس لقي في مسرح الجريمة كارت.. كان بعيد عن الجثة وفي نفس الوقت مد ايده و اخده و نسي يسلمه لما اتلخم في طلباتنا من (شاي) و(فطار) في السكة و الكلام ده كله.. وبعد كده جا يستسمحني اسامحه.. طبعا هو عمل مصيبة و ممكن (النيابة) زي منت عارف تخرب بيوتنا جميعا.. فمكنش مني غير اني قولته حرزها مع باقي متعلقات المجني عليه.. وبعد كده خفت يتوجهله لوم و حيتوجهلي انا كمان لوم قولتله هات الكارت.. و حطيته في درج مكتبي !
- (عمر) انا حاسس كده انكم بتحققوا في كلب ميت ولا في ازمة طابور عيش... ايه يبني اللي بتقوله ده؟ يعني انت عاوز تفهمني ان الكارت ده اتنقل من ايد (الفوال) لأيدك كده وبعد كده انت حطيته ببساطه في الدرج.. لا و بتسألني عن تفاصيل للكارت.. !
- و اقولك كمان ان موضوع الكارت ده بقالة حوالي سنة كده بعد ما القضية اتحفظت و انتهي التحقيق و (النيابة) قالت انها قصة عادية بتحصل مليون مرة..
- طب ايه مشكلتك بالظبط؟
- مشكلتي ان الكارت اللي معايا معلهوش اسم بنك ولا أي بيانات بإسم صاحب الكارت عامل زي كارت (مينا تل) بتاع زمان كده.. هو عليه رقم لكن انا عاوز استعلم عنه وعاوز اعرف حسابه في اي بنك و ايه المعاملات اللي تمت عليه.
- (عمر) انت عاوز الكلام ده بصفة رسمية ولا ايه؟
- (سيمبا) انت حتهزر..! مقولنا القضية اتخفظت..
- طيب لما تجيب الكارت ولا التفاصيل قولي ماشي..
- واقولك ليه الكارت اهو في جيبي..
ثم قام ببساطه.. مدخلا يده بجيبه الأيمن مخرجا للكارت ووضعه امام المنضدة قائلا:
- اتفضل يا سيدي..
نظرت بكل حرفية وبكل ملل الي الكارت مقلبا اياه في يدي.. الا اني لاحظت ما هو غريب حقا.. قلت لـ(عمر) ببساطه:
- (عمر) الكارت ده مستحيل يكون كارت بنك..
- امال ايه ؟
- و كارت بنك فعلا و مصري..! لكن..
- لكن ايه يبني..؟
- الكارت ده عمري ما شوفت زيه.. 
- !
- طيب بص سيبهولي وانا حشوف حعمل ايه..
- طيب تمام.. المهم عملت ايه في حوار الواد (مصطفي العطار)؟
- ياعم الواد (مصطفي) ده خنقني بجد..
و ظللنا نتجاذب الحديث عن (مصطفي) ونذالته.. و نسيت الكارت في جيبي..
تماما.. وعندما اقول لك نسيته.. فهو في جيب محفظتي.. لمدة تقرب حاليا من العامين !
نعم احدثك كما تقرأ..
من عامين ولم حتي اقم بتبديل محفظتي.. او البحث بداخلها..
وكذلك تناسي (عمر) موضوع الكارت وموضوع (مصطفي) والمزيد من المواضيع الأخري..
حتي جاء ذلك اليوم..
***
يتبع..

بعض من ترهات قلمي..

احيانا..
نكتب..
واحيانا.. نتوقف.!
احيانا تتملكنا الرغبة في كتابة مئات السطور.. وربما الآلاف..
و احيانا كثيرة نفضل الصمت..
وتمر الحياة..
من خلال اصابعنا..
تحتك بنا فتذكرنا بشئ مضى..
كذكري خاطفة..
فربما كلمة تخرج من أحدهم..
تصطدم بحاجز قلوبنا..
فتهزه في عنف..
وأحيانا كثيرة..
نفضل السكون..
والنظر من شرفه الأحداث..
لكل ما يدور حولنا..
سنة الحياة وماذا نفعل معها ..؟
نحيا لبرهة من الوقت..
ثم تُخلد ذكرانا لدقائق معدودة..
ثم لا نكون بعد ذلك.. الا صورة قد يحتفظ بها احدهم في مخيلته..
لن تدوم طويلا..
فبمجرد سنوات.. سيصبح احدهم كذلك ايضاً ذكري..!
و لن يتذكر احد ذكريات قد ماتت من آلاف السنين..
استنشق عبير الأيام وحدي الآن..
وقد مرت بي السنون..
و قد كنت ولازالت معتقد اني تملكتها..
وهي ببساطه تملكتني و تملكت كل شئ..
اجلس علي الاريكة شاردا..
منتظرا..
للاشئ..
فأمسك قلمي..
لأخط به ..
بعض من ترهاته...

محمد سلطان 6/2020