الأحد، 24 يونيو 2012

إحنا السكان الأصليين .. التدوينة السادسة

عم (بدوي) , رجل ريفي الأصل , في العقد الخامس من عمره , تستطيع ان تلقبه بالمصري الأصيل , في طباعه و طريقته السجية في الكلام , حتي تقاسيم وجهه التي يمكن من خلالها ان تصنع لوحة ( الله ع ولادك يا مصر) منها , و إن كانت الشقوق التي في وجهه تتشابه مع مجري النيل في الأودية .. تلملم عم (بدوي) في مقعد السائق بالـ(المشروع) او (ألميكروباص) كما يسميه البعض .. و هو يرتشف القليل من كوب الشاي الموضوع امامه في إستمتاع طالما ان مذاقه (حبر) كما يسميه , حتي إمتلأت السيارة عن آخرها , و ادار محركها في روتينية عندما سمع إنغلاق باب السيارة معلنا اكتمال عدد راكبيها و قال دون النظر حتي في المرآه: كله يلم الأجرة مع بعضه يا جدعان.. توكلنا علي الله .. دار الحديث في السيارة عن مرشحي الرئاسة , و تكلم المعارضون و المؤيدون لكل مرشح في تحفز و إهتمام و البعض الآخر في محاولات لفرض الرأي او التأثير علي الأفراد , و لم يبدي عم (بدوي) إهتماما فمن فترة كبيرة حتي الآن و هو يستمع إلي ذاك الحديث حتي مله , يعرف انها ظاهره صحية ان يتكلم الناس بعد عقود الصمت , و لكن ليس به شئ من الصحة طالما في سيارته !!, بمنتهي الهدوء بدأ يزيد من صوت المذياع علي إذاعة القرآن الكريم ,مستمعاً إلي آيات الله التي تتلي , و هو ينظر في الطريق الذي يحفظه عن ظهر قلب عندما فاجاه شاب بسؤال: مش كده برده يا أسطي و لا انت ايه رأيك ..؟ اجاب عم بدوي بروتينيته المعتادة: حد نازل هنا ..؟ أجاب الشاب: لا يا اسطي بس احنا بناخد رأيك في الموضوع يعني .. اجاب عم بدوي و قد فطن إلي انه الحديث المعتاد الذي يستمع إليه ليلا نهارا: عاوز تسمع رأي حقيقي ..؟ اجاب الشاب في تلهف: طبعا آسطه .. انت ع عجل طول اليوم و بتشوف كل الناس حواليك .. اجاب عم (بدوي) : بالظبط كده يا بيه .. هي الناس اللي حواليا .. احنا عاوزين رئيس من الناس اللي حوالينا .. رد الشاب في عدم فهم: لا مؤاخذه اسطي مش فاهم .. ما كل المرشحين من الناس اللي حوالينا .. أجاب عم (بدوي) ضاحكاً : ههههههه السكان الاصليين لهذه البلاد .. إحنا السكان الأصليين ..!! قالها عم (بدوي) في ثقة حتي إن جملته (لهذه البلاد) خرجت بالفصحي .. تعجب منه الشاب قائلاً: السكان الأصليين قصدك المصريين ولاد المصريين يعني..؟ اجاب عم بدوي و هو يفادي سيارة مسرعه بهدوء و كإنه تعرض لذلك الموقف اكثر من مرة .. لا يا سيدي السكان الأصليين دول اللي بيقفوا في طابور العيش .. اللي ليهم بطاقة تموين او حيموتوا عشان ياخدوها .. اللي بيشيلوا انبوبة البوتاجاز علي ضهرم و يطلعو بيها للدور المية .. اللي بيحملو هم العيال لما يدخلو المدارس و يدبروا تمن شنط العيال منين .. أجاب الشاب: آه تقصد محدودي الدخل .. أجاب عم (بدوي) قائلاً: بص يا باشا انا معرفش محدودي الدخل و ممدودي الدخل انا اعرف اني عاوز رئيس مصري .. شبهنا كده .. عايش وسطنا . و بيحس بآلام الشعب الغلبان ده .. و لا يكون وقف مرة في طابو التأمين بلاش العيش ل مضايقك.. يعني مثلا انا نفسي الريس يركب معايا المشروع و يعرف الناس بتتزنق ازاي فيه و هما بيستنو بالساعات في اوقات خروج الموظفين ازاي .. و يعرف ان الله حق و يبدأ يعمل حاجة إتوجع منها حقيقي .. و قيس علي كده يا أستاذ بقي المشاكل اللي حوالينا كلها .. أجاب الشاب في تهكم : هههههههههههه عمرك ما حتلاقيه .. الرؤساء دول اصلهم لازم يكونوا مسندوين من حزب و لا معاهم ملايين عشان حملتهم الانتخابية و لازم يجيبوا تمن اللي صرفوه علي حملتهم دي من قوت الشعب .. رد عم (بدوي) و هو ينزل أحد الركاب: و ماله ..؟ لو من حلاله ماشي مفيش مشكلة المهم انه ميسرقش .. المهم انه مينساش انه مصري .. في تلك اللحظة ردت إحدي الفتيات علي عم (بدوي): انت طيب اوي يا اسطي .. مفيش حد في الزمن ده كده .. ده لو جا سيدنا يوسف محدش حيرضي بيه .. أجاب عم (بدوي) : في ثقة : مش المهم ان فيه حد زي انا كده .. المهم ان يكون فيه رئيس زي اللي بكلمكم عليه ده .. اهم حاجة ان اللي يمسك البلد دي ميكونش من المحتلين .. ميكونش من اللي معاه الملايين و بيدعي انه حاسس بالفقرا .. ميقولش انه حيرجع للشعب كرامته و هو داس علي كرامته كتير اوي عشان الكرسي .. ربنا يولي من يصلح يا بنتي .. تدخل الشاب ثانيه و هو قائل: نزلني اي حته ع جنب اسطي .. معلش وجعتلك دماغك .. اجاب عم بدوي آخذا يمين الطريق: ع ايه يا بني اتفضل .. وصل عم بدوي إلي الموقف بعد نزول الركاب .. مستعد ان يحمل المزيد منهم لنقطة بدايته من جديد.. و مازالت امنيته التي يحلم بها حتي الآن في مخيلته : ان يركب معه الرئيس بنفسه .. او يسمع من احد رفاقه انه فعلها معهم.. .. يرمق الأشخاص بعينه .. يصنف هذا من السكان الأصليين .. و هذا من المحتلين .. و بداخله نفس الخوف من عدم إجابة سؤال لم يسأله احد الركاب من قبل : يعني ايه السكان الأصليين .. لإن اجابته بدلا من ان تكون مفعمة بالأمل .. كانت ستدور حول هاجسه المخيف حينها: إن الإنقراض هو الحل .. كي يعيش الشعب المحتل .. في هناء كما يشاء.. 

هناك 9 تعليقات:

  1. احنا السكان الاصليين هونجا بونجا :)

    مبدع أسولطان والنيعمة :))

    تسلم ايدك

    ردحذف
  2. تسلملي ا عوث و الله احبي ..

    ردحذف
  3. ربنا يستر على السكان الاصليين من الانقراض
    جميلة
    تحياتي

    ردحذف
  4. Deyaa : تسلملي بجد

    Menna: فعلا ربنا يستر

    ردحذف
  5. جميلة جدا جدا جدا
    حلو اوى تعبير السكان الاصليين

    ردحذف
  6. تسلمي جدا .. و منتظرك دوما

    ردحذف