الأربعاء، 11 يوليو 2012

فوطة صفرا و إشارة حمراء .. التدوينة رقم 22

ينتظر حتي (تقف) الإشارة كما يطلق عليها..
يهرع إلي السيارات حاملاً المناديل الورقية و اعواد الياسمين و معطر السيارة .. و فوطة صفراء مع كل هذا ..
يحاول في الدقائق القليلة ان يبيع اي شئ .. و كل شئ ..!!
حتي و ان لجأ في للشحاذة في آخر كلماته لصاحب اي سيارة ....
- طب حاجة لله ..
ثم (تفتح) الإشارة .. و يصيبه الملل .. منتظراً  توقف السيارات مرة اخري ..
هذه هي حياته ..
يصحوا من النوم غاضبا لسبب لا يعلمه ..
ربما لإنه ينام في العراء ..
و لربما لإن هناك من يوكزه بقدمه كالعادة كل يوم ..
- انت لسة نايم يا بن الـ(....) ..!
و يصحوا منتفضا .. جاريا إلي المخزن .. يأخذ من البضاعة ما يشاء ..
و يضعهم في شنطته البلاستيكية .. و يسجل ما اخذه في (كراسة) متهالكة بعض الشئ ..
يتمني لو نزل في إشارة أخري .. مثل إشارة (وليد) مثلا ..
و لكنه لا يملك الإختيار للأسف .. فالمعلم (محمد الجمال) هو صاحب الرأي ..
و الشوري .. و البضاعة ايضاً ..!
و حسب المزاج .. او حسب نوع الحشيش الذي يشتريه بالمساء .. 
يوزع ادوارهم ..
و يعطيهم الفتات آخر اليوم  ..
و تكون مصيبة إذا حاول احدهم ان يخبئ اموالا ..
او إشتري الطعام من مكان ما ..
فيتم حبسه .. و ضربة كلما مر من امامه .. 
و يعطية القليل من بقايا طعام الصبية .. آخر اليوم ..
يأنبهم دوماً عندما يتحدث عن المال ..
- ما انا بشغلكم بدل ما انتم عواطلية .. 
و ليس شيئا غريبا اذا قبل احد الاولاد يده آخر النهار ..
(فتحت) الإشارة ..
و جري علي احدي السيارات .. التي تبدوا اغلاهم ..
ام و ابنتها الصغيرة التي لم تتجاوز الخمس سنوات ..
تمسك الصغيرة بالونا و وجبه للأطفال من احدي المطاعم الشهيرة ..
طرق الزجاج بلطف ..
لم تسمعه السيده .. فأنزلت زجاج السيارة الإلكتروني ..
و بدون ان تسمعه و في آليه .. اخرجت له 5 جنيهات ..
و هو في آليه ايضا امسك بالورقة المالية ..
لم يستخدم الفوطة الصفراء .. و لم يعطيها علبه مناديل ..
كان ينظر الي الطفلة و كإنه يفتقد شيئا ما لا يعلمه ..
هم بالسير نحو سيارة اخري ..
و لكن الطفلة مدت يديها الصغيرتين ببراءة لتعطيه بعض البطاطس المقلية بعد ان لاحظت نظراته ..
لم يدري ماذا يفعل ..
هذا يخالف قوانين (الجمال) ..
و لشئ ما في داخله .. مسك القليل منها .. و إبتسم إبتسامة عريضه لم يبتسمها منذ زمن ..
إفتقد النظرة الدافئة ..
يد العون الحقيقية ..
تمني ذات مرة لو ذهب إلي الاحداث ..
و لكنهم يتعمدون إخراج الأبرياء مجرمين بالمعني الحقيقي ..
و لا يمكن غفران ذلك ابدا للمجتمع ..
و هذا ما كان يعلمه عن ظهر قلب ..
و حينما تحركت السيارة .. تحرك قلبه ورائها ..
لم يعرف لما قد اسقط (البضاعة) من يده ..
و نظر إلي اصابع (البطاطس المقلية) كإنها تشع الأمل من جديد في قلبه ..
و احتفظ بها داخل جيبه المتسخ ..
و هو يتنمي من الله سبحانه و تعالي ان تحدث معجزة بأي شكل من الأشكال ..
لم ينسي إبتسامته الحقيقية .. فهي غير تلك الابتسامات التي كان يوزعها كمتطلبات للعمل ليلا و نهاراً ..
و لم يفيق الا من خلال صفعه علي وجهه من (الجمال) عندما اوشي به احد الصبيه الآخرون انه اهمل بضاعة اليوم ..
و عندما ذهب الي ركنا بعيدا في المكان القذر الذي يعيش به ..
اخرج البطاطس التي اصبحت مهروسة ..
تبث فيه الامل ..
و الخوف أيضاً .. من ان يتبدد هذا الأمل ..
فغذا سوف يعود للإشارة ..
و لكنه تمناها تلك المرة ان تتحرك ..
و احلامه التي لا يعلمها تتحرك معه ..
فيطير بعيدا ..
من اجل لمسه حنان .. إفتقدها منذ ولادته ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق